العقم والرجال
رغم أن المرأة كثيراً ما تتهم بكونها السبب وراء عدم إنجاب الأطفال (خاصة في مجتمعاتنا الشرقية)، فمن المعروف طبياً أن مسؤولية العقم تقع على الرجل في حوالى ثلث حالات العقم، وعلى المرأة في ثلثها الآخر، وعلى الطرفين معاً (أو على أسباب مجهولة) في الثلث الباقي.
ومن المعروف أيضا أن أسباب العقم لدى الرجل تتعلق بضعف في حيويناته المنوية (النطف).. أما العوامل التي تؤدي إلى هذا الضعف، فهي كثيرة جدا، تبدأ بالعوامل الوراثية، مرورا بالأذيات والآفات الوعائية والإنتانية والهضمية، وانتهاء بالإصابة بسرطانات الأعضاء التناسلية.
لكن هناك أسباباً أخرى غير معروفة لدى أكثر الناس، نورد أهمها فيما يلي:
1- الوزن الزائد
لقد ثبت أن الكيلوغرامات الإضافية التي يحملها جسمك لها تأثير سلبي على تعداد النطف وسرعة حركتها وشكلها، ذلك لأن الشحوم المختزنة في الجسم تحول الهرمون المذكر (تستوسترون) لمؤنث (استروجين)، ما يعيق نمو الحيوانات المنوية ويعطل وظيفتها.
ومن الجدير بالذكر أن زيادة الوزن لدى النساء كذلك لها تأثير سلبي على فرص الحمل، ما يدعو الزوجين معاً لاتباع النصائح التي تضمن حصولهما على الوزن المناسب لطولهما، وأفضل الطرق لتحقيق ذلك -كما ذكرنا في أكثر من مناسبة- هي الطرق الطبيعية التي تعتمد المقادير المناسبة من الأطعمة الصحية والرياضة المنتظمة.
كما يجدر الذكر أن نقص الوزن الشديد له تأثير سلبي على النطف كذلك، ولو بنسبة أقل من زيادته.
2- قلة الحركة
في دراسة نشرت بمجلة الطب الرياضي البريطانية، تبين أن الرجال الذين قضوا أكثر من 20 ساعة في الأسبوع يراقبون التلفزيون، كان تعداد النطف لديهم أقل من أولئك الذين لم يراقبوا التلفزيون البتة بنسبة 44 %، ما يدل على ضرورة الحركة والرياضة للإبقاء على سلامة الحيوانات المنوية.
3- تعرض الخصيتين للحرارة
لعلّ سبب وجود الخصيتين خارج الجسم هو تفادي حرارة جوف البطن، فقد أصبح معروفاً أن تعرض الخصيتين للحرارة الزائدة يعطل إنتاج النطف في الرجل، ما يعني أن على الرجال الذين يبغون الحصول على ذرية، تجنب حمامات البخار، والسونا، والبقاء فترات طويلة في حوض الاستحمام (البانيو)، وربما ركوب الدراجة لمسافات بعيدة. كما عليهم أن يضعوا جهاز الكمبيوتر على الطاولة، لا في أحضانهم.
4- الحمّى
ثبت أن تعرض الرجل للحمى (كما يحصل في هجمة الانفلونزا مثلاً) يخفض من تعداد نطفه لفترة شهرين على الأقل، والسبب هو أن ارتفاع درجة حرارة الجسم يعرض الخصيتين للحرارة كذلك.
5- التدخين
إن الدراسات التي أجريت في الماضي حول تأثير التدخين السلبي على تعداد النطف المذكرة وحركتها، هي أكثر من أن تحصى، ولعل آخرها مقالة نشرت في مجلة "الصحة الإنجابية Reproductive Health"، والتي جاء فيها أن الدرجة التي تتعرض فيها الحيوانات المنوية للأذى من جراء التدخين تعتمد على عدد السيجارات المستهلكة، فكلما زاد هذا العدد، نقص تعداد النطف وازدادت تشوهاتها، وبطأت حركتها.
ولا تقتصر آثار التدخين السلبية على السجائر، وإنما تتعداها للسيجار والغليون والنرجيلة، كما تشمل الحشيش والمخدرات الأخرى.
6- الكحول
كذلك يؤثر الكحول سلبياً على تعداد النطف، كما ثبت في أكثر من دراسة سابقة، لعل آخرها الإحصاء الذي ظهر في المجلة الطبية البريطانية، والذي أظهر أن تعداد النطف الطبيعية يتناقص مع كل كأس من الكحول، حتى يصل إلى 33% في حال كان الاستهلاك الكحولي يتعدى 40 كأساً في الأسبوع.
7- بعض الأدوية
من الأدوية التي تثبط حركة الحيوانات المنوية وتنقص أعدادها حاصرات قنوات الكلس، وحاصرات بيتا (وكلاهما يستخدم في علاج ارتفاع الضغط)، والهرمونات المذكرة (التي تؤخذ أحياناً بغية تقوية الرغبة الجنسية أو لتنمية العضلات، والتي تثبط إفراز الهرمون المذكر الطبيعي الضروري لتوليد النطف)، وبعض علاجات الفطور، والعلاجات الكيمياوية المضادة للسرطان.
وينصح الأطباء إن كنت ممن يخشى على قدراته الإنجابية أن تصرح للطبيب عن كل العقاقير التي تتناولها (بما فيها الأعشاب) لتتعرف أياً منها قد يتدخل في إمكانيات حمل الزوجة، لتسعى إلى إيقافها أو تبديلها.
8- الكيمياويات السامة
قاتلات الحشرات، ومشتقات البترول، والمعادن الثقيلة، ومحاليل التنظيف، كلها يمكن أن تنقص من أعداد الحيوانات المنوية وأن تشوهها، لذلك إذا كنت ممن يعمل قريباً من هذه السموم، فعليك أن تحمي نفسك بارتداء الملابس والأقنعة المناسبة، كما ينصح الأطباء الراغبين بالذرية اعتماد أكل الخضار والفواكه العضوية والطبيعية التي لم تستخدم المبيدات في زرعها.
أخيراً حاول قدر استطاعتك تجنب كل ماهو مصنع من البلاستيك (كزجاجات الماء وحاويات الأطعمة المحفوظة)، والاستعاضة عنه بالحاويات الزجاجية، وذلك لتفادي التعرض لمركب BPA في البلاستيك الذي ثبت ارتباطه بعقم الرجال.
9- الكافئين
قد لا يطرب محبّو القهوة لسماع هذا النبأ: أن الكافئين (الذي يتواجد في القهوة والشاي ومعظم المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة) قد يثبط من تولد النطف المذكرة ويخفض من تعدادها.
ولا يعني هذا الامتناع التام عن تناول هذه المشروبات، لكن ينصح الأطباء بعدم تجاوز الفنجانين من أي منها يومياً.
10- الهواتف المحمولة
كثرت الاتهامات الموجهة لجهاز "الموبايل" الذي أصبح معظمنا مدمناً عليه، ولعل آخرها كان تلك التقارير التي تدعي أن الإشعاعات الصادرة عن الهواتف المحمولة يمكن لها أن تنقص تعداد الحيوانات المنوية وتشوه أشكالها، بل قد تخرب الأحماض النووية DNA الموجودة في مورثاتها (جيناتها).
وبما أنه من المستبعد جداً التخلي النهائي عن هذا الجهاز الضار، فأفضل ما يمكن القيام به هو إبعاده عن موضع الخصيتين قدر المستطاع (وضعه مثلاً على الطاولة أو في جيب القميص الأعلى، بدلاً من حشره في جيب البنطال أو تعليقه على الخاصرة).
ويمكن أن نشمل مع إشعاعات الهواتف المحمولة كل الإشعاعات الأخرى التي يتعرض لها بعض الحرفيين لفترات طويلة.
11- التوتر النفسي
وجدت دراسة نشرت في مجلة "الإخصاب والعقم Fertility and Sterility" أن الأزمات النفسية يمكن لها أن تنقص من أعداد الحيوانات المنوية، وأن تزيد من تشوهاتها.
ولا يقتصر الأمر على التوتر الذهني والنفسي وحسب، بل تبين في الدراسة أن التمارين العنيفة (كالتي تجرى في المسابقات الرياضية) من شأنها أن تنقص من أعداد النطف أثناء التمرين.
لذا ينصح الأطباء الرجال في مرحلة الإنجاب بتجنب مصادر التوتر قدر المستطاع، وأخذ حاجتهم الكافية من النوم والراحة والاستجمام، وتطبيق كل الإجراءات التي تكفل لهم الحياة الصحية والخالية من التوتر.
0 التعليقات: